اختتمت الجزائر اليوم الخميس عهدتها كرئيسة دورية للمجلس الدولي للحبوب (IGC) لسنة 2024-2025، في محطة اعتُبرت مفصلية على أكثر من صعيد، عززت من خلالها موقعها كفاعل استراتيجي في قضايا الأمن الغذائي العالمي وتجارة الحبوب.
وقد مثلت هذه الرئاسة فرصة لترجمة الرؤية الجزائرية نحو شراكة دولية أكثر توازناً وعدلاً، قائمة على مبادئ الشفافية، الابتكار، والتضامن بين الدول المنتجة والمستوردة للغذاء، في عالم تتزايد فيه التحديات المناخية والاقتصادية والجيوسياسية التي تمس بالأمن الغذائي لملايين البشر.
منصة رقمية لتعزيز الشفافية
ومن أبرز إنجازات الجزائر خلال رئاستها، إطلاق “لوحة مؤشرات التجارة والأمن الغذائي”، وهي منصة رقمية مبتكرة تم تطويرها بالتنسيق مع الديوان المهني الجزائري للحبوب (OAIC). توفر هذه الأداة بيانات محدثة بشكل أسبوعي للدول الأعضاء، تشمل حركة التجارة، الأسعار العالمية، المخزونات الاستراتيجية، وتكاليف الشحن. وقد ساعدت هذه المنصة الجزائر في ضبط وارداتها من القمح بفعالية، ولاقت في الوقت ذاته اهتماماً من دول أخرى على غرار كينيا، ما يعكس قابليتها للتعميم كنموذج ناجع في إدارة سلاسل الإمداد.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن الغذائي
في خطوة أخرى تعكس البعد التقدمي الذي ميز عهدة الجزائر، تم إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن آليات تحليل سلاسل التوريد والتوقعات التجارية للمجلس. هذه النقلة التكنولوجية سمحت بتحسين القدرة التنبؤية للمجلس ورفع مستوى الجاهزية أمام تقلبات السوق العالمية، ما يعد إضافة نوعية للبنية المؤسسية للمنظمة.
انفتاح لغوي وجغرافي غير مسبوق
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المجلس، تم إدراج اللغة العربية ضمن الوثائق الرسمية والتقارير المعتمدة، وهو ما يُعد مكسباً سياسياً وثقافياً يعكس الإرادة الجزائرية في توسيع قاعدة التمثيل الجغرافي واللغوي داخل المنظمة، وترسيخ حضور بلدان الجنوب في مراكز القرار العالمي.
التزام دائم برؤية تضامنية
وقد أكدت الجزائر، من خلال هذه الحصيلة، على التزامها الدائم بالمساهمة الفعالة في بناء نظام غذائي عالمي أكثر مرونة وعدالة، حيث عبّر مسؤولون من الأمانة العامة للمجلس عن إشادتهم بالدور الجزائري، مشيرين إلى أن الرئاسة الجزائرية أعطت زخماً جديداً للنقاشات، وفتحت آفاقاً أوسع أمام التعاون جنوب-جنوب.
بهذه المناسبة، اختتمت الجزائر رئاستها برسالة مضمونها أن تحقيق الأمن الغذائي ليس ترفاً سياسياً، بل ضرورة وجودية تتطلب تعاونا دولياً شفافاً ومتوازناً، ورؤية استشرافية تضع الإنسان في قلب السياسات الاقتصادية والزراعية.