أهدى الدكتور والأكاديمي والباحث الجزائري توفيق ذباح أصيل ولاية بسكرة،المكتبات الوطنية
وتخصص علوم الإعلام والاتصال كتابه الجديد الموسوم بـ “جماليات السينما الوثائقية،إضاءات فكرية
ودراسات سيميولوجية “،والذي صدر خلال اليومين الماضيين عن دار خيال،حيث يمكن تصنيف هذا
الكتاب ضمن الكتابات القليلة جدا و ربما الأولى من نوعها في هذا المجال الذي لا يزال بكرا و لم يُعْط
حقه كاملا إلى اليوم،وعن مولوده الجديد قال الدكتور توفيق ذبّاح لصحيفة الجنوب الكبير أنّ كتابه يعد
الأول له في علوم الإعلام والاتصال،وهو عُصارة جُهد فِكري عاشه لسنوات خلال مرحلة التحضير
لأطروحة الدكتوراه وما بعدها،مضيفا أنّ الكتاب يأتي بهذه الحلة وبهذا الإخراج عن منشورات دار
“خيال” ليُوقع بداية عهد مع الكتابة العلمية الأكاديمية التي تختلف كثيرا كما قال عن تجربته مع الكتابة
الصحفية،مؤكدا أن مولوده الجديد سيكون حاضرا مطلع الشهر الداخل في صالون الجزائر الدولي للكتاب
“سيلا 2024”.ليكون هذا الكتاب مرجعا مهما و إضافيا لكل من يسعى إلى تحقيق فهم أعمق للفن و
الواقع و لكل الذين يسعون لاكتشاف الأبعاد الجمالية التي تجعل من السينما الوثائقية فنا مؤثرا و متعدد
الأبعاد و يفتح لهم أبوابا جديدة نحو التأمل و التفكير في عالم السينمى الغني بتنوعه و إبداعات رجالاته.
و يعتبر كتاب ” جماليات السينما الوثائقية”رحلة ممتعة و مثيرة أيضا في عالم السينما الوثائقية ،حيث
يتجاوز حسب صاحبه حدود الفهم التقليدي ،و يأخذ القارئ في جولة عميقة إلى أعماق الجماليات و
الفن،فالتحليل المتقن و المفصل الذي يقدمه الكتاب لم يقتصر على دراسة العناصر التقنية و الفنية،بل
يتجاوز ذلك ليكشف كيف يمكن للفن السابع أن يعبّر عن أعماق الروح الإنسانية و يحفز التفكير في
طبيعة الواقع و الجمال.كما يكشف هذا الكتاب المميز التأثير العميق للسينما الوثائقية على الوعي
الإنساني ،و تقديم رؤى جديدة حول العلاقة بين السرد الجمالي و تجربة المشاهدة، و في اسلياق ذاته يقدم
هذا الكتاب اسهاما قيما جدا و لعل الأول من نوعه في في فهم العامة و حتى الخاصة لهذا النوع الفريد
في السينما،إذ يظهر كيف يمكن للفلم الوثائقي لأن يتجاوز مجرد تسجيل الأحداث ليصبح تجربة جمالية
متكاملة تجمع و تدمج بين الواقع و الخيال و بين الحسية و العقلانية.
وينطَلق الدكتور “توفيق ذباح” في مُنجزه هذا من تأصيل نظري لمفاهيم السينما والجماليات، حيث
وضع السينما الوثائقية في إطارها التاريخي والفلسفي.معالجا المأسسة المفاهيمية، ومستعرضًا الأبعاد
المختلفة للسينما كفن،بما في ذلك تطورها منذ بداياتها وحتى العصر الحديث. كما يناقش التمييز بين
السينما الروائية والسينما الوثائقية،مع توضيح الخصائص الفنية والجمالية التي تميز الأفلام الوثائقية عن
غيرها. و بالتالي يمكن اعتبار هذا الكتاب منجزا ثريا يجمع جملة مواضيع متشعبة حول جماليات السينما
الوثائقية وما ارتبط بها من معارف ومفاهيم.
و عن فكرة تأليف هذا الكتاب المعنون بـ “جماليات السينما الوثائقية” قال الدكتور توفيق ذباح للجنوب
الكبير ، أنّ فكرة إبداع هذا الكتاب لم تكن وليدة اليوم أو لا هو فكرة جديدة بالنسبة له، بل تولدت لديه هذه
الفكرة منذ السنة الثانية من تسجيله لنيل شهادة الدكتوراه خلال الموسم الجامعي 2019/2020 ،وفي
علوم الإعلام والاتصال تخصص إعلام إذاعي وتلفزيوني بجامعة أم البواقي،ففي تلك السنة طُلب منه
كما قال في إطار التكوين في الدكتوراه الشروع في اختيار مواضيع بحثية لإنجاز كأطروحات
الدكتوراه،وبالنسبة للدكتور توفيق لم يكن اختيار موضوع الأطروحة وقتها بالأمر الهين،حيث يذكر أنه
كان يريد تقديم أطروحة يكون موضوعها ضمن دراسات السينما،لكن لم تتكون لديه فكرة مُحدّد ضمن
هذا المجال البحثي المتخصص، والذي يُعتبر كما قال مجال بحث لا يزال يراوح مكانه في منطقة
ضبابية تتوسط العلوم، أو على الأقل كانت الأسئلة في هذا المجال لا تزال تطرح في بداياتها حول جهة
انتساب هذه الدراسات.
و بمرور الوقت تعمّقت فكرة الكتاب أكثر سيما بتوفر المادة العلمية وجاهزية الخلفية الفكرية
والنظرية،حيث لم يكن ينقص الدكتور سوى الظرف المناسب للشروع في تدوين فصول الكتاب،وهو ما
تم في صائفة صيف 2024. و من الناحية المنهجية، قُسِّم الكتاب إلى أربعة فصول، فصل أول تضمن
مأسسة مفاهيمية حول السينما عموما والسينما الوثائقية على وجه الخصوص،حيث تطرق هذا الفصل
إلى مفهوم الجماليات وأسس علم الجمال،وعلاقة هذا الأخير بالفن والسينما. ثم توضيح المقصود
بجماليات السينما،أين حاول الكاتب الإجابة عن السؤال المحوري و هو ” أين يوجد الجمال في الفيلم
السينمائي؟ وفي الفصل الثاني تم تقديم تفصيل أكثر حول جوانب مختلفة من جماليات الفيلم الوثائقي،أين
وقف الكاتب عند جماليات الفكرة والعنوان، وجماليات الصوت والـموسيقى،وجماليات الديكور،والإضاءة
والألوان،ثم جماليات السرد السينمائي وجماليات الـمونتاج.
وفي الفصل الثالث حاول الكاتب و تمكن من التوغل أكثر في موضوع الكتاب فكريا وفلسفيا،أين تطرق
إلى تذوق جمالية الواقعي،ثم بحث في معاني إيديولوجية الخطاب الجمالي،وأخيرا تم تقديم شرح حول
المعنى المقصود من جمالية التلقي في الوثائقي.و عن افصل الرابع أوضح الدكتور توفيق ذبّاح أنّ ثلاثة
دراسات شكلت الفصل الرابع والأخير من هذا الكتاب،أين تم تقديم تحليل لعينة من الأفلام الوثائقية وفقا
لـمنهج التحليل السيميولوجي للأفلام،حيث وقف الكاتب في الدراسة الأولى عند جماليات الإخراج
السينمائي، وعند توظيف جماليات المكان في الدراسة الثانية،وفي الدراسة الأخيرة قدم تحليلا لجماليات
السرد الفيلمي للحكاية الوثائقية.ليختم الدكتور توفيق لقاءه مع القراء عبر جريدة الجنوب الكبير بتقديم
جزيل الشكر و التقدير للجريدة على هذه الالتفاتة الطيبة و هذا الاهتمام بكل ما هو جديد في عالم الإبداع
و في كل مجالاته،مقدما الشكر أيضا و العرفان لكل أساتذته الأكارم الذين تلقى من نبعهم الصافي معينا
لا ينضب علما وفكرا، و لكل قريب أو بعيد كان له السماهمة والفضل في انجاز هذا الكتاب الذي قال
عنه المخرج السينمائي المتخصص في الأفلام التاريخية و الوثائقة خالد شنة أنه ” منجز مهم و إضافة
نوعية للمكتبة السينمائيةالجزائرية.”
حاوره : عبد الرحمان محامدية