وضع وزير الري، طه دربال، حداً لمعاناة طويلة عاشها سكان قرية تاست بولاية جانت، اليوم الإثنين، وذلك من خلال الإعلان عن تسجيل مشروع استراتيجي ضخم يهدف إلى ربط المنطقة بمياه الشرب انطلاقاً من منطقة ديدر. القرار جاء خلال زيارة ميدانية قادته اليوم إلى الولاية، حيث وقف عن كثب على الوضعية المعيشية الصعبة التي يواجهها السكان، نتيجة ندرة المياه التي ظلت تشكل هاجساً يومياً لهم منذ سنوات طويلة. فقد اضطر الأهالي إلى قطع مسافات معتبرة للحصول على كميات محدودة من المياه، في ظل ظروف مناخية قاسية، ما جعل هذا المطلب الحيوي في صدارة أولوياتهم.
الوزير أكد في تصريحاته أن المشروع الجديد يشكل نقلة نوعية في مجال الخدمات الأساسية، إذ سيمكن من ضمان تزويد دائم ومستقر بالمياه لسكان تاست، بما يضع حداً نهائياً للأزمة المزمنة. كما أشار إلى أن مصالحه ستعمل على تسريع الإجراءات الإدارية والتقنية لانطلاق الأشغال في أقرب الآجال، مع المتابعة المستمرة لمراحل الإنجاز، حتى يتحقق هذا المكسب الحيوي في أسرع وقت. وأضاف أن الدولة، وبتعليمات من رئيس الجمهورية، تولي أهمية قصوى لمناطق الجنوب والهضاب العليا، في إطار تحقيق العدالة في التنمية، وضمان حق كل مواطن في الاستفادة من الماء الصالح للشرب كأحد الحقوق الأساسية المرتبطة بالحياة الكريمة.
زيارة وزير الري إلى ولاية جانت لم تقتصر على ملف تاست فقط، بل شملت أيضاً معاينة عدد من المشاريع قيد الإنجاز الرامية إلى تحسين شبكات التوزيع، وحماية الموارد المائية من الاستنزاف، وتعزيز القدرات المحلية في مجال معالجة المياه وتخزينها. وخلال هذه الزيارة، التقى الوزير بممثلي المجتمع المدني وأعيان المنطقة، واستمع إلى انشغالاتهم المتعلقة بمشكل التموين، حيث طمأنهم بأن الحكومة ملتزمة بمواصلة الجهود لتجاوز كل الصعوبات وتحقيق تنمية متوازنة.
وقد لقي هذا القرار ارتياحاً كبيراً لدى سكان تاست الذين اعتبروا أن ربط قريتهم بمياه الشرب يمثل استرجاعاً لحق أساسي طال انتظاره. وأكد العديد منهم أن هذه الخطوة ستغير حياتهم اليومية جذرياً، إذ ستضع حداً لمعاناة النساء والأطفال في جلب المياه، وستفتح المجال أمام تحسين الظروف الصحية والمعيشية، بل وحتى تشجيع النشاطات الاقتصادية والزراعية المحلية التي ظلت متوقفة بسبب نقص المياه.
وتندرج هذه الخطوة في إطار البرنامج الوطني الطموح الذي أطلقته الحكومة لتعزيز الأمن المائي في البلاد، خصوصاً في ولايات الجنوب التي تواجه تحديات طبيعية مرتبطة بندرة الموارد المائية. ويشمل هذا البرنامج استغلال مصادر جديدة، وإنجاز مشاريع هيكلية كبرى لضمان تزويد مستمر ومستدام للسكان، إلى جانب تحديث الشبكات القديمة والاعتماد على حلول مبتكرة كتحلية المياه وتثمين الموارد الجوفية.
بهذا، تبرهن الدولة مرة أخرى على التزامها العملي بتحسين نوعية حياة مواطنيها، لاسيما في المناطق النائية والمعزولة، حيث يشكل الماء رمزاً للحياة ومفتاحاً أساسياً للتنمية. فالقرار المتخذ في تاست لا يُعد مجرد مشروع محلي، بل هو رسالة قوية تعكس توجهات الدولة في جعل التنمية شاملة، متوازنة، وعادلة، لا تستثني أي منطقة مهما كانت بعيدة عن مراكز القرار.
