بصوت مكسور، وبعينين أثقلتهما الدموع، عبّر والد الشاب المناصر عثمان مولاي عن ألم لا يُوصف، بعد أن فقد ابنه في لحظة كان يفترض أن تكون عنوانًا للفرح والانتماء، خلال مباراة لكرة القدم تحوّلت إلى مأساة.
ففي حديثه الموجع الذي اختزل مآسي العائلات الجزائرية التي فجعت في أبنائها، قال الوالد المفجوع: “كنت أظن أن ابني ذاهب إلى الملعب ليهتف للمنتخب، ليعبّر عن فرحته، لم أتخيل يومًا أن أستقبله جثة هامدة في صندوق خشبي. لا يوجد وجع يفوق دفن ابنك بيديك، إنها مصيبة تفوق الوصف.”
لم يكن عثمان، الشاب المفعم بالحياة، يعلم أن رحلته الأخيرة إلى المدرجات ستكون بلا عودة. فبين لحظة وأخرى، تحوّل الحماس إلى فوضى، والهتاف إلى صراخ، والمقاعد إلى شواهد على مأساة ستبقى محفورة في ذاكرة كل من حضر.
يضيف الوالد: “ابني ومجموعة من الشباب كانوا في أماكنهم، لم يفتعلوا شغبًا، لم يتسببوا في أي مشاكل، فقط كانوا يتابعون المباراة… لكنهم ماتوا مغدورين، نعم مغدورين، لأنهم لم يتوقعوا أن يكون مصيرهم المقبرة بدل العودة إلى البيت.”
ورغم هول المصاب، لم ينسَ الأب الثاكل أن يوجّه رسالة تضامن إلى باقي العائلات التي تعيش نفس المأساة، قائلاً: “أدعو بالصبر والثبات لكل أم وأب فقدوا ولدهم في هذه الكارثة. هذا امتحان قاسٍ من الله، ولا أرجو لأي إنسان أن يعيش ما نعيشه نحن اليوم.”
كلمات الوالد تختزل ما لا تقوى الكلمات على وصفه. هي ليست فقط قصة عائلة فقدت ولدها، بل حكاية وطن بأكمله صُدم على وقع مأساة هزّت ضميره، وأعادت طرح الأسئلة المؤلمة: كيف يمكن لفرح الملاعب أن يتحول إلى مأتم؟ وأين يكمن الخلل حين يُفقد الشاب حياته وهو يلاحق الحلم والهوية على المدرجات؟
رحل عثمان، لكن صوته سيبقى صدًى في الملاعب، وذكراه شمعة لن تنطفئ في قلوب من عرفوه، أو من عرفوا فقط ألم فقده.
