في لحظة ينتظرها الطلبة سنوات طوال، اختار العديد من طلبة الجنوب الجزائري عبر مختلف جامعات الوطن أن يحتفلوا بتخرجهم على طريقتهم الخاصة، حيث أضفوا على هذه المناسبة الأكاديمية لمسة من الأصالة بارتداء الزي التقليدي المحلي، ليحولوا لحظة التتويج العلمي إلى مشهد ثقافي غني بالدلالات والرموز.
في أجواء مفعمة بعبق التراث، ظهر الطلبة الذكور وهم يرتدون العباءة الصحراوية والشاش أو “البازان”، في حين اختارت بعض الطالبات الظهور بالملحفة الصحراوية أو ما يُعرف في مناطق أخرى بـ”تسغنست” أو “الإيزار”، ليؤكدوا من خلال ذلك تمسكهم العميق بهويتهم الثقافية، وفخرهم بانتمائهم إلى الجنوب الكبير بكل زخمه التراثي المتنوع.
وقد غزت منصات التواصل الاجتماعي عشرات الصور التي وثّقت هذه اللحظات، حيث تقاطع وشاح التخرج وقبعته مع الأزياء التقليدية في مشهد يعكس تمازجًا جميلًا بين الأصالة والمعاصرة. وقد عبّر الخريجون عن سعادتهم الغامرة، معتبرين أن هذه المبادرة تمنح الاحتفال بعدًا رمزيًا يعكس الفخر بالانتماء إلى الجزائر عامة، والجنوب خاصة.
عدد من النشطاء والمتابعين اعتبروا هذه الظاهرة بمثابة رسالة ثقافية قوية مفادها أن الشباب الجزائري، رغم انخراطه في العصر الرقمي وانفتاحه على ثقافات متعددة، لا يزال يحمل في وجدانه ارتباطًا وثيقًا بالهوية الوطنية وبالرموز المادية للموروث الثقافي. كما رأوا في ارتداء الزي التقليدي خلال حفلات التخرج مبادرة جميلة تُسهم في الترويج للثقافة والسياحة الجزائرية عبر اللباس، وتُجسد فسيفساء بصرية راقية تعكس ثراء التنوع الثقافي في البلاد.
ويرى البعض أن مثل هذه المبادرات الشبابية تمثل فرصة مثالية لإحياء التراث المادي، وتقديمه في حلة جديدة، تُقرّبه من الأجيال الصاعدة، وتُظهر للعالم أن الجزائر بلد يمتلك رصيدًا تراثيًا يُحتفى به في كل مناسبة، حتى داخل الفضاءات الجامعية.
وبين فرحة التخرج وبهجة التقاليد، يثبت شباب الجنوب أن للثقافة سحرًا خاصًا حين تنبع من القلب، وتُجسد في صورة، وتُخلّد في لحظة، لتبقى ذكرى تروي حكاية جيل يعتز بماضيه ويصنع مستقبله دون أن ينسى جذوره.
الشيخ رابح
