مريم حسنة الطالب، كاتبة صحراوية شابة، تقدم للقارئ كتابها “فينيق الصحراء“ كصرخة مكتوبة من قلب الصحراء. في هذا الحوار، نتعرف على تجربتها في كتابة هذا الكتاب، وكيف عكست فيه تجارب وتحديات الشعب الصحراوي. كما نتوقف عند الرسائل الرئيسية التي ترغب في إيصالها، والتحديات التي واجهتها في إنجاز هذا العمل.
مريم حسنة الطالب، كاتبة تنحدر من أرض لم تنطفئ فيها نار الحكاية، ولم تتوقف فيها الريح عن رواية الأسرار. تكتب لأنها تؤمن أن الكلمة أوسع من الحدود، وأصدق من الجدران، وأبقى من الرمل في وجه العاصفة. في كتابها “فينيق الصحراء“ تقدم للقارئ تجربة فريدة، حيث تروي قصصًا من قلب الصحراء، وتجسد تجارب وتحديات الشعب الصحراوي.
من خلال هذا الحوار، سنتعرف على الدافع الذي حفّز مريم حسنة الطالب على كتابة هذا الكتاب، وكيف عبّرت فيه عن تجارب وتحديات الشعب الصحراوي. كما سنقف عند الرسائل الأساسية التي أرادت إيصالها، والتحديات التي واجهتها في صياغة النص. بالإضافة إلى ذلك، سنكتشف الأسلوب الأدبي الذي اعتمدته، وكيف وظفت اللغة والرموز لتعزيز رسائلها.
هذا الحوار يشكل فرصة للقارئ للتعرف على تجربة الكاتبة في إنجاز “فينيق الصحراء“، ويتيح فهمًا أعمق للقضية الصحراوية وتجارب الشعب الصحراوي. كما يمثل مناسبة لاكتشاف قدرة الأدب على تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية، وتأثيره على القراء.
أولًا: عرّفي بنفسك للجمهور القارئ
أنا مريم حسنة الطالب، كاتبة صحراوية أنحدر من أرضٍ لم تنطفئ فيها نار الحكاية، ولم تتوقف فيها الريح عن رواية الأسرار. أكتب لأنني أؤمن أن الكلمة أوسع من الحدود، وأصدق من الجدران، وأبقى من الرمل في وجه العاصفة.
ما الذي دفعك لكتابة هذا الكتاب حول القضية الصحراوية؟
الكتابة عندي ليست قرارًا بقدر ما هي استجابة لنداء داخلي. دفعتني الذاكرة الجمعية لشعبي، أصوات الجدات في الليالي الطويلة، صبر الأمهات، وحلم الشباب المعلّق على الأفق. “فينيق الصحراء“ جاء كصرخة مكتوبة، محاولة لإحياء ما خنقه الصمت الطويل.
كيف تعكسين في كتابك تجارب وتحديات الشعب الصحراوي؟
أردت أن أضع القارئ داخل الخيمة، بين خطوات من يسير بحثًا عن ماء، وفي قلب من ينتظر عودة غائب. لم أكتب الصحراء كخلفية جامدة، بل كروح تنبض بالحكايات، تتأرجح بين الصمود والخذلان، بين الأمل والخيبة.
ما هي الرسائل الرئيسية التي ترغبين في إيصالها من خلال هذا الكتاب؟
أن الإنسان أكبر من معاناته، وأن الشعب الصحراوي، رغم الجراح، لم يتوقف عن الغناء والحلم. الرسالة الأعمق هي أن الحكاية حين تُروى تصبح جسرًا للتفاهم، لا جدارًا للفصل.
كيف اخترتِ الشخصيات التي ستكون محور الكتاب؟
شخصياتي ليست أسماء على الورق، بل وجوه رأيتها، وأصوات سمعتها، وحتى صمت صادفته. بعضها حقيقي بملامح واضحة، وبعضها خُلق من خيوط ذاكرة مشتركة. اخترتها لأنها تمثل أطياف الصحراء: المرأة، الطفل، العجوز، الشاب، وحتى الغائب الذي لم يعد.
ما هي التحديات التي واجهتها عند تصوير الأحداث والصراعات في الصحراء؟
التحدي كان أن أكتب الألم دون أن أُثقل القارئ باليأس، وأن أصف القسوة دون أن أخون جمال الصحراء وبهاء ناسها. أردت التوازن بين الواقعية والبعد الرمزي، بحيث تبقى الرواية شاهدة لا شاكِية.
كيف ركزت على تجارب الأفراد ضمن السياق الأوسع للقضية الصحراوية؟
أنا مؤمنة أن الحكايات الصغيرة هي التي تمنح المعنى الكبير. لذلك وضعت الأفراد في قلب السرد، لأن ما يحدث لعائلة واحدة أو امرأة واحدة، هو في الحقيقة صورة مكبّرة لما يحدث لشعب بأكمله.
ما هو الأسلوب الأدبي الذي اعتمدته في كتابة “فينيق الصحراء”؟
كتبت بلغة تميل إلى الشعرية، فيها الكثير من الرموز والاستعارات، لأنني وجدت أن اللغة المباشرة عاجزة عن احتواء الألم والرجاء معًا. النص يمشي على الحد الفاصل بين السرد الواقعي والحلم.
كيف استخدمت اللغة والرموز لتعزيز الرسائل التي ترغبين في نقلها؟
الفينيق نفسه رمز للبعث من الرماد. الصحراء عندي ليست مكانًا فقط، بل كائن حيّ يراقب، يعلّم، ويصبر. استخدمت صورًا من الرمل، الريح، الخيمة، وحتى النجوم، كي أبقي النص مشدودًا إلى جذوره.
ما هي التحديات التي واجهتها في دمج الحقائق التاريخية مع عناصر الخيال؟
التاريخ ثقيل والخيال حر، والجمع بينهما يحتاج توازنًا. الصعوبة كانت في أن أبقى وفية للذاكرة دون أن أحوّل الرواية إلى وثيقة سياسية أو تاريخية. اخترت أن أضع الحقائق كخلفية صامتة، بينما يتحرك الخيال في المقدمة.
ما هو تأثير الكتاب على القراء، خاصة الذين يجهلون القضية الصحراوية؟
أتمنى أن يُحدث الكتاب أثرًا وجدانيًا قبل أن يكون معرفيًا. قد لا يتذكر القارئ التفاصيل، لكنه سيتذكر الوجوه، والدمع، والأغنية. هدفي أن يرى القارئ أن هذه الحكاية، وإن كانت صحراوية، فهي إنسانية أولًا.
كيف ترين دور الأدب في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية؟
الأدب ليس خطابًا سياسيًا، لكنه قادر على أن يفتح عيونًا وقلوبًا. حين يتحول الألم إلى قصة، يصبح أقرب للفهم. الأدب يُدخل القارئ إلى داخل التجربة بدل أن يتركه متفرجًا من بعيد.
ما هو تأثير خلفيتك الصحراوية في كتابة هذا الكتاب؟
انتمائي الصحراوي هو الذي شكّل كل تفاصيل النص. جذوري هناك، في الرمال والنجوم. لم أكتب من موقع الغريب، بل من قلب الانتماء.
حدثينا عن التجارب الشخصية أو الثقافية التي شكّلت رؤيتك للقضية الصحراوية؟
ذاكرة الطفولة، أحاديث الأمهات، أناشيد المقاومة الشعبية، ورؤية المخيمات التي كبرت فيها. كلها صنعت حساسيتي تجاه القضية، وأعطتني مادة إنسانية لا تنفد.
كيف تعكسين في كتابك التنوع الثقافي واللغوي في المنطقة؟
أدخلت مفردات من اللهجة الحسانية، وإيقاعات من الشعر الشعبي، وصورًا من الحياة اليومية. أردت للقارئ أن يشعر بالتعدد اللغوي والثقافي كجزء من ثراء الصحراء، لا كعائق.
هل لديك خطط لكتابة المزيد حول القضايا الاجتماعية أو السياسية في المستقبل؟
بالتأكيد. الكتابة بالنسبة لي ليست مشروعًا واحدًا، بل مسارًا مستمرًا. كل قضية إنسانية تستحق أن تُروى.
ما هي المواضيع أو القضايا الأخرى التي تهمك وتود استكشافها؟
أهتم بقصص النساء، بفقدان الأبناء، بالهجرة والاغتراب، وبالذاكرة كحارس للهوية. أرى أن هذه المواضيع قادرة على أن تُنتج نصوصًا تمسّ القارئ أينما كان.
كيف ترين مستقبل الأدب الصحراوي في المشهد الأدبي العالمي؟
الأدب الصحراوي ما زال في بداياته عالميًا، لكنه يحمل فرادة تستحق أن تُكتشف. حين يجد الدعم والترجمة، سيأخذ مكانه كأدب مختلف، لأنه مزيج بين الشفهي والكتابي، بين الصحراء والإنسان.
كلمة أخيرة للجمهور والصحيفة
أشكر كل قارئ يفتح قلبه قبل عينيه، وأؤمن أن كل كتاب يُكتب هو دعوة للحوار الإنساني. الصحراء ليست بعيدة كما تظنون، إنها تعيش فينا جميعًا بشكل أو بآخر.
حاورتها: مديحة زيزاي
