انطلقت أمس عملية التحول الرقمي لمطار هواري بومدين الدولي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد التكنولوجي للنقل الجوي في الجزائر، وترقية خدمات المطار إلى مصاف المنصات الذكية العالمية. ويعد هذا المشروع منعطفًا مفصليًا في مسار عصرنة البنية التحتية للمطارات الجزائرية، وإحدى أولى الخطوات العملية نحو إنشاء منظومة رقمية متكاملة تتماشى مع معايير التسيير الحديث للملاحة الجوية.
وقد ترأس وزير النقل، السعيد سعيود، اجتماعًا عالي المستوى بمقر الوزارة، بحضور إطارات من الوصاية، ومديري المؤسسات والمصالح المعنية بتسيير المطار، إلى جانب ممثلين عن قطاعات استراتيجية داعمة للمشروع الرقمي. وخصص اللقاء لمناقشة آليات تنفيذ خطة التحول الرقمي، وتحديد خارطة الطريق اللازمة لتحديث العمليات والخدمات التي يقدمها مطار الجزائر الدولي، باعتباره واجهة سيادية للبلاد ونقطة عبور رئيسية للمسافرين والبضائع.
وخلال الاجتماع، ذكّر الوزير سعيود بتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي أولى أهمية قصوى لتحديث قطاع النقل الجوي، مؤكدًا أن مطار الجزائر سيُشكّل نموذجًا مرجعيًا لباقي مطارات الوطن، بما يعزز من تنافسية الجزائر إقليميًا ودوليًا.
التحول الرقمي… نحو مطار ذكي
ويهدف مشروع التحول الرقمي إلى تحويل مطار هواري بومدين إلى منصة ذكية متعددة الخدمات، تعتمد على أحدث النظم المعلوماتية والتطبيقات التكنولوجية في مجال الملاحة الجوية، أمن المسافرين، تسيير الرحلات، معالجة الأمتعة، الحجز الإلكتروني، وخدمات ما بعد الوصول والمغادرة. وتشمل العملية تحديث البرمجيات والمنظومات التقنية للمطار، تعزيز الربط بين مختلف المصالح، تبسيط الإجراءات للمسافرين، واعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني والخدمات الذاتية.
وتسعى الوزارة إلى تقديم تجربة سفر رقمية وآمنة وعالية الجودة، تُقلّص من أوقات الانتظار وتُحسّن التنقل داخل المطار، إضافة إلى تسريع إجراءات الجمارك، الأمن، والتفتيش، مع ضمان أعلى معايير السلامة والخصوصية.
نقلة نوعية في خدمة المواطن والمسافر
ويمثل هذا التحول جزءًا من سياسة الدولة الرامية إلى الرقمنة الشاملة للخدمات العمومية، والتي باتت تشكل محورًا مركزيًا في برامج الحكومة. واعتُبر مطار الجزائر أولوية قصوى نظرًا لكونه المعبر الأول للمسافرين نحو الجزائر أو منها إلى الخارج، كما أنه يستحوذ على أكبر حصة من الرحلات الجوية، سواء الداخلية أو الدولية.
وفي هذا السياق، شدد الوزير على ضرورة التنسيق الدقيق بين مختلف الجهات المتدخلة، واعتماد مقاربة مبنية على النتائج، ترافقها حوكمة تقنية وشفافية في تنفيذ المشروع، مع ضمان التكوين المستمر للموارد البشرية العاملة في المطار لمواكبة التطور الرقمي المتسارع.
وأكد وزير النقل أن نجاح مشروع مطار الجزائر الرقمي سيُمهّد لتعميم التجربة على باقي المطارات الوطنية، بما يسهم في بناء منظومة نقل جوي موحدة وفعالة، ويعزز من مكانة الجزائر كمركز عبور استراتيجي في منطقة المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء.
ويُرتقب أن يُسهم هذا المشروع أيضًا في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال الطيران والنقل الجوي، وفتح آفاق تعاون دولي مع مطارات وهيئات تكنولوجية متقدمة.
