يعتبر قرار التجميد الذي طال مشروع ” المسجد القطب ” بولاية ” ورقلة ” بمثابة نقطة إستفهام كبيرة، و الذي بدأ في العودة تدريجيا إلى الواجهة خلال الفترة الأخيرة مع إقتراب حلول شهر رمضان الفضيل، و الذي لا تفصلنا عنه سوى مدة ستة أشهر، حيث أعرب عدد من رواد المساجد و كذا المختصين من ذوي الصلة على غرار القيادي بالمحافظة الولائية للمجتمع المدني السيد ” محمد بن منصور” عن مدى إستغرابهم إتجاه السبب الحقيقي الذي أدى بالسلطات العليا للبلاد إلى إتخاذ مثل هذا القرار، بالرغم من أهمية هذا المرفق الديني في إعطاء رمزية خاصة للمنطقة في حال تم تجسيده فعليا على أرض الواقع،
و قد كشف السيد ” بن منصور ” عن بعض التفاصيل التي تخص هذا المشروع، حيث صرح أنه يفترض لهذا المشروع أن يتربع على مساحة تفوق الـ 5 هكتارات، حيث يحتوي على عدة مرافق في صورة مكتبة و مدرسة قرآنية، بالإضافة إلى إعتماده على نظام داخلي يتضمن كل خدمات الإيواء و الإطعام و غيرها لإستقبال طلبة العلم من خارج الولاية، منوها إلى أن مساحته في حقيقة الأمر تتسع لـ 3000 مصلي بغلاف مالي قدر بـ 120 مليار سنتيم مقسة على ثلاثة دفعات أو متعاملين بداية من 60 مليار في الدفعة الأولى ثم 40 مليار و 20 مليار سنتيم كآخر دفعة لإستكمال أشغال الإنجاز الخاصة به، و مشيرا في ذات السياق إلى موقعه الإستراتيجي الذي يتوسط مدينة ” ورقلة ” بمحاذاة القطب الجامعي و المدرسة العليا للأساتذة، و أنه من بين أهم الأسباب التي أدت إلى عرقلته هو مشكل ” مافيا العقار ” الذي تعاني منه ولاية ” ورقلة ” في كل مرة تستفيد فيها من مثل هاته المشاريع الكبرى، معربا في الأخير عن أمله في أن تتكاثف جهود السلطات المركزية و اللامركزية لتجسيد هذا المشروع فعليا مثلما كان الأمر مع المستشفى الجامعي الذي ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة قبل أن يرى النور مؤخرا.
و من جهته أكد لنا النائب البرلماني السيد ” عبد الرحمان صالحي” في هذا الخصوص، أنه بالرغم من الجهود المبذولة حول الأمر، إلا أنه لحد الآن لم يتقرر بعد رفع التجميد عنه للأسف، منوها إلى مراسلته للسيد وزير الشؤون الدينية و الأوقاف ” يوسف بلمهدي” للإستفسار حول آخر مستجدات المشروع الذي تم تجميده ـ حسب ما أفاد به ـ من طرف الحكومة بسبب سياسة التقشف سابقا، منوها إلى أن ذلك ليس من شأنه أن يكون مدعاة لليأس و الإستسلام و أنه سيواصل مساعيه مستقبلا لضمان تجسيد هذا المشروع الديني المهم في أقرب وقت ممكن.
كما كان لنا إطلاع على نسخة من رد السيد ” يوسف بلمهدي” في هذا الخصوص و التي تعود إلى أواخر سنة 2022، حيث أكد ذات المسؤول على أن دائرته الوزارية تعمل في إطار خريطة طريق القطاع على ضمان التدبير الحسن و العناية بالمساجد، بحيث يحرص عمل مخطط الحكومة على تنفيذ برنامج السيد رئيس الجمهورية ضمن الفقرة التي مفادها ” أن الحكومة تعكف على تدعيم شبكة المنشآت الدينية و تعزيز مكانة المسجد و المدرسة القرآنية و الزوايا و الفضاءات الدينية و الروحية و الثقافية “، منوها إلى أن المسجد بصفته مؤسسة دينية إجتماعية هدفها تحقيق النفع العام من خلال إضطلاعها بأدوار ريادية في المجتمع، و مضيفا أن المسجد الرئيسي القطب على مستوى كل ولاية من شأنه أن يجعلها وفقا للشبكة الهرمية لمساجد الجمهورية، صرحا غاية في الإبداع من الناحية الهندسية و مرفقا محوريا يتولى تحقيق وظائف روحية و إجتماعية و تربوية و غيرها.
و في ذات السياق أشار السيد وزير الشؤون الدينية و الأوقاف في رده إلى أن وظائفه ترتكز أساسا على أداء الشعائر الدينية و تنظيمها و توضيحها، و كذا الدعوة إلى تعظيمها ظاهرا و باطنا سواء ما تعلق منها بالصلاة أو الصوم أو الحج و غيرها من شعائر الله، إلى جانب تنمية الحياة الروحية لدى أفراد المجتمع و تهذيب الأخلاق و تزكية النفوس على مبادئ الفضيلة، بالإضافة إلى تثقيفهم و تلقينهم لمختلف العلوم الدينية على مستوى الولاية من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين لديهم و ترسيخ قيم رسالة المسجد و هديه قصد حماية أفراد المجتمع داخل الولاية من التأثر بأي تيار دخيل، مع المساهمة في الحفاظ على المرجعية الدينية التي تتسم بالوسطية و الإعتدال. و في الأخير أوضح السيد ” بلمهدي” فيما يخص مشروع ” المسجد القطب ” بولاية ” ورقلة ” أنه مسجل على المستوى اللامركزي، حيث تتابعه مديرية التجهيزات العمومية لولاية ” ورقلة “، مؤكدا أنه قد تم إستيفاء كافة إجراءات مرحلة الدراسة، و لكن قبل أن يتم الشروع في مرحلة الإنجاز تم تجميده خلال سنة 2015 تنفيذا لتعليمات السيد الوزير الأول رقم 1356 المؤرخة في الـ 01 أوت 2015، و المتعلقة بتجسيد التدابير العملية المتعلقة بتعزيز التوازنات الداخلية و الخارجية للبلاد، لتقوم بعد ذلك وزارة المالية بتوجيه رسالة إلى مصالحه مضمونها تأكيد تجميد العملية، منوها إلى أن هيئته لن تتوانى رغم ذلك في تكثيف
جهودها من أجل إلتماس رفع التجميد على المشاريع المتوقفة في حدود ما هو متاح، بما يمكن ساكنة ولاية ” ورقلة ” من الإنتفاع بهذا المرفق الديني الهام بعد إنجازه و دخوله حيز الخدمة مستقبلا.
و تجدر الإشارة إلى أن السيد ” عبد الرحمان صالحي ” أكد بدوره أن هاته المراسلة لن تكون الأخيرة، منوها إلى أنه يعتزم بذل مزيد من الجهود لتنوير الرأي العام و إبقائه على إطلاع دائم بآخر تطورات و مستجدات هذا الصرح الديني الهام بالنسبة لـ ” عاصمة الواحات ” محليا و حتى وطنيا لكونه سيكون نقطة إنفتاح أساسية على باقي ولايات الوطن من ناحية مساهمته في تعزيز فرص السياحة الدينية مستقبلا بهدف طلب العلم و الإستكشاف على حد سواء.
لواتي سناء