بقدر ما أثلج قرار محكمة العدل الأوربية قلوب الصحراويين والمتعاطفين مع قضيتهم العادلة في شتى أصقاع العالم، كان في الوقت نفسه صدمة كبرى في وجه المخزن وأوهامه التي عمل على الترويج إليها سنوات عديدة عبر أبواقه الإعلامية والمرتزقة الذين يشاطرونه الرأي رغم أن لا يملكون أي ايمان بعدالة القضية بقدر ما يطمحون الوصول إلى المزايا التي يوفرها لهم المخزن المغربي على حساب شعبه الذي يعاني الأمرين في ظل أوضاع اقتصادية جد صعبة لم يعد بإمكانه إخفاءه سيما بعد تزايد موجات الهجرة الجماعية من عائلات مغربية اتجاه الاراضي الاسبانية وعجزه عن التحكم فيها بعدما كان يدعي خلاف ذلك وأنه حارس البوابة الاوربية مقابل الفتات الذي يتلاقاه من هذه المهمة رغم أنها تدخل من صلب مهام الدولة التي تملك السيادة ولا تتسول الفتات مقابل تنازلات تساهم في تأزيم وضعية شعبه المغلوب على أمره.
قرار محكمة العدل الأوربية القاضي بإبطال اتفاقيتي الصيد والزراعة بين الاتحاد الأوربي والمملكة المغربية، بعد أن تأسست جبهة البوليزاريو كطرف في القضية، لكون أن الاتفاقية تشمل أراضي متنازع عليها ولم تخضع لتقرير المصير، فالمخزن المغربي كان يرمي من وراء هذه الاتفاقية جر الاتحاد الأوربي لمستنقع القضية الصحراوية وتوريطه في النزاع وكسبه إلى جانبه، ولم يضع في الحسبان مصلحة الشعب المغربي من هذه الاتفاقية، وما تحمس المجموعة الاوربية إلا للتنازلات الكبيرة التي قدمها المخزن المغربي، ليكون قرار محكمة العدل الاوربية واضحا وغير قابل للتأويل وقرار نهائي غير قابل للطعن، ويسري مفعوله على كامل المحاكم الاوربية بما فيها الدول المنسحبة من الاتحاد الأوربي أو التي لم تنضم بعد لهذا الفضاء الاقتصادي والسياسي، فلطالما كان المخزن المغربي يردد أسطوانة تقرير المصير تجاوزتها الاحداث وان قرار محكمة العدل الدولية مر عليه قرابة الخمسين عاما، ويحاول ان يقدم بديلا الحكم الذاتي كحل الوحيد، ليأتي قرار محكمة العدل الاوربية ليؤكد أن حق تقرير المصير غير قابل للتقادم ويبقى قائما حتى يتمكن شعب الصحراء الغربية من ممارسة هذا الحق دون قيد أو إكراه، وما الرسائل الصادرة عن قادة أوربيين تدعم مشروعه التوسعي لن تغير من الوضع القانوني للقضية التي هي قضية تصفية استعمار وموجودة على جدول أعمال اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المكلفة بهذه المهمة، فالقضية قانونية بالأساس وجود إقليم محتل من قبل دولة جارة له توسعية لا تحترم الشرعية الدولية وتمارس سياسة الهروب إلى الامام، فبدل من مواجهة الامر الواقع والدخول في مفاوضات جدية مع الطرف الرئيسي في القضية الذي هو جبهة البوليزاريو وإنهاء هذا الملف والدخول في مشاريع تكاملية واقتصادية تخدم كافة شعوب المنطقة المغاربية دون استثناء، يسعى المخزن المغربي لإطالة النزاع وفي حقيقة الامر يزيد من مشاكله الداخلية ومعاناة شعبه التي لم تعد خافية للعيان، تارة بتقديم مبادرات غير الشرعية الدولية، وتارة برفض التفاوض المباشر وتقديم تحفظات على المبعوثين الشخصيين للامين العام للأمم المتحدة، وتارة التمسك بالرسائل والتغريدات في سقوط وانحراف عن أبسط مبادئ الفعل الدبلوماسي الدولي، فالمعركة قانونية وأثبتت جبهة البوليزاريو مدى صمودها وثباتها ولعل رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون في حديثه مع نظيره رئيس الجمهورية الصحراوية بعد عودته من اسبانيا للتداوي، لقد أثبتم للعالم أنكم أصحاب حق وأن دولتكم هي دولة قانون، فقرار محكمة العدل الاوربية الذي يفرض على الاوربيين أنفسهم احترامه قبل غيرهم اسقط كل الرسائل المساندة للمخزن في اطروحته رغم انها لم تغير من الوضع القانوني للقضية أي شيء