من فترة وأنا كجزائري أتابع السياسة الخارجية لبلدي و التحركات الدبلوماسية الجزائرية مع القمة العربية والإفريقية والقمة اليابانية الأخيرة وما حدث فيها ، ناهيك عن الملف الفلسطيني وما يجري على الأرض وما قيل أنها ” مفاوضات ” بين المقاومة الفلسطينية و” الكيان ” بإشراف عربي وأمريكي في ضوء الخلافات والأجندات كل طرف ، تذكرت مقال كتبته من سنوات عن ” الدبلوماسية ومذهب أبي حسل ” وهي قصة طريفة ومثل يضرب للدبلوماسي إذا أرضى جميع الأطراف، ولم يحل المشكلة، فتكلم كلاما معسولا للخصوم،..خطاب عام وفضفاض ، تترنح فيه لغة الخشب ، التي تقابلها لغة الحديد والنار على المستضعفين من أهلنا في غزة من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ …ثم بعد كل لقاء وندوة ومؤتمر ، يبقى النزاع على ما هو عليه، فيقولون: ” دبلوماسية أبي حسل” ، وأبو حسل كنية الضب عند العرب، ولهم في ذلك قصة طريفة تضرب منها أمثال عدة، تسقط على ما يجري في دبلوماسية البعض ممن يتغنى بالتواصل مع العدو والشقيق على حد سواء …وقصة ابا حسل هذا بدأت بشكوى من ارنب ، ” فقد حكوا أن أرنبا كان بيدها ثمرة، فهمت أن تأكلها، فاختطفها الديك منها وأكلها فتضاربا وتلاطما ثم قالا: لا بد أن نختصم إلى حكم، فقال لها الديك: اختاري من شئت فاختارت الضب فذهبا إلى أمام جحر الضب
فناديا عليه: يا أبا حسل
فقال: سميعا دعوتما
فقالت الأرنب: جئت أنا وهذا نحتكم إليك
قال: في بيته يؤتى الحكم
قالت: كان بيدي ثمرة
قال: حلوة فكليها
قالت: اختطفها مني هذا فأكلها
قال: ما أراد إلا الخير
قالت: فلطمته
قال: بحقك أخذت
قالت: فلطمني قال: حر انتقم
قالت: فاقض بيننا
قال: قد قضيت..” .
والشاهد في هذه القصة بعض الفاعلين في الشأن الدبلوماسي الغربي والبعض ممن يرمز لهم في الشأن العربي وبعضه في الإفريقي يؤمن بهذا التوجه في القضايا الخلافية والشائكة التي تعرفها الأحداث والمتغيرات في الساحة الدولية ، فيركن إما ضعفا أو خوفا أو جهلا إلى ” فكر ابا حسل ” الا الدبلوماسية الجزائرية قط لم تكن وعلى مر السنوات منذ استقلال الجزائر كان موقفها صريح شفاف يقيني ثابت من القضايا التحريرية وحقوق المستضعفين في العالم بغض النظر عن الجغرافيا والتاريخ واللغة والدين ، فما بالك حين تجتمع تلك المكونات كالشعب الفلسطيني والقضية الصحراوية ، حيث تجد الجزائر تبرز مواقفها في كل المنابر بداية من مجلس الأمن والأمم المتحدة وكل المنابر المتاحة في الاتحاد الإفريقي وغيره .هذه المواقف التي ترجمتها الجزائر ميدانيا في مناسبة وأعلنتها صريحة واضحة براقة قشيبة ومن أعلى منصب في الدولة من خلال تصريح رئيس الجمهورية حول موضوع ” الهرولة ” نحو التطبيع ، ومن خلال تصريحه الأخير، على استعداد الجيش الجزائري للدخول الى غزة …وهي الجملة التي أزعجت البعض ، بل لنقل أرعبتهم ، رغم أن خطاب الرئيس كان في حكم المترشح فقط ، قال دخول الجيش لبناء المستشفيات …والدعم اللوجستيكي طبعا …هذه هي الجزائر لا صمت في قضايا الأمة العربية والإسلامية وقضايا الحق في العالم..بغض النظر عمن يكون أطراف النزاع …هي الجزائر وحدها ونفسها كما نعرفها في الملف الفلسطيني والصحراوي وفي التحركات المشبوهة جنوبا في مالي والنيجر ونفس موقفها في ما يجري في السودان الشقيق ..لا “اجندات” دولية مشبوهة ضد حقوق المستضعفين …قالها الهواري بومدين ذات عام ..ويكررها رجال الجزائر اليوم وغدا…