لا تزال أحياء و قرى بلدية ” حاسي مسعود ” التي تبعد عن مقر ولاية ” ورقلة ” بحوالي 80 كلم تعاني في صمت بسبب العديد من المشاكل و الإنشغالات ذات الصلة بالتنمية و التهيئة الحضرية، حيث كثيرا ما وصلتنا العديد من النداءات و المناشدات من طرف الساكنة إلى السلطات المحلية و الولائية و حتى المركزية، على إعتبار أنهم غالبا ما كانوا يرجعون السبب الرئيسي لهاته المعاناة التي طال أمدها على مدار 20 سنة مضت، إلى قرار التجميد الذي طال مختلف المشاريع التنموية بالمنطقة، و الذي أصدرته السلطات العليا للبلاد خلال سنة 2005 بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05/127 بعد تصنيفها على أنها منطقة ذات أخطار كبرى.
مطالب بالتنمية في عدد من الأحياء
و قد تضمنت غالبية المطالب التي وصلت إلى ” منبر الجنوب الكبير ” جملة من الإنشغالات التي تعتبر من بين أبسط ضروريات الحياة اليومية للمواطن على غرار غياب التهيئة على مستوى مختلف الشبكات الخدماتية كالإنارة العمومية و الصرف الصحي، و كذا غاز المدينة و المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى النقص الفادح في المؤسسات التربوية و المرافق الخدماتية على إختلافها، إلى جانب الضعف الكبير الذي تعاني منه غالبية الأحياء على مستوى شبكة الكهرباء و الأنترنت، و كذا الغياب شبه الكلي لوسائل النقل العمومي، حيث يعتبر حي ” التوميات ” من بين الأحياء العريقة بالمنطقة، و الذي على الرغم من الكثافة السكانية الكبيرة التي تميزه إلا أنه يحتوي فقط على مدرستين إبتدائيتين، بالإضافة إلى كونه لم يستفد من مشاريع تنموية منذ سنوات الثمانينات، مما جعل ساكنته يدخلون في حالة من اليأس و الإحباط التي باتت تؤرق راحتهم.
و كذلك الأمر بالنسبة لأحياء ” 136 مسكن ” و ” الشيخ بوعمامة ” التي تعاني بدورها من مشكل هشاشة البنى التحتية و إهتراء شبكة الصرف الصحي و كذا المياه الصالحة للشرب، مما أدى إلى حدوث إنقطاعات و تسربات متكررة على مستواها، إلى جانب إفتقارها إلى الربط بشبكة الغاز الطبيعي في غالبية شوارعها، و الغياب شبه الكلي لمختلف المرافق الترفيهية التي من شأنها أن تقي أبناءهم مخاطر الشوارع و الطرقات، حيث ناشد ساكنة هاته الأحياء في أكثر من مناسبة السلطات الولائية من أجل الإلتفات إليهم لتخليصهم من هذه المعاناة و فك العزلة عنهم.
إحتمالية رفع التجميد عن المدينة غير وارد حاليا
و في سياق متابعتنا لهاته الإنشغالات وصلتنا نسخة من رد وزير الداخلية و الجماعات المحلية و التهيئة العمرانية ” إبراهيم مراد ” على سؤال كتابي لنائب برلماني أكد من خلالها على عدم ورود إحتمالية رفع التجميد عن المنطقة في الوقت الحالي، و ذلك من باب حرص المسؤولين على حفظ أمن و ممتلكات المواطنين بإستثناء منح رخص إنجاز المشاريع ذات الصلة بقطاع المحروقات بصفة عامة.
المدينة الجديدة ” حاسي مسعود ” حلم الساكنة
كما أضاف ذات المسؤول بأن السلطات المركزية ستبقى ملتزمة بواجباتها إتجاه المواطنين في إحداث التنمية و تحسين ظروفهم المعيشية، أين باشرت السلطات العمومية عملية إنشاء مدينة جديدة لـ ” حاسي مسعود ” بحيث تكون بعيدة عن المخاطر الصناعية، و ذلك بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06/34 المؤرخ في الـ 18 سبتمبر 2006، مشيرا إلى أنها تتربع على مساحة 4.483 هكتارا، إلى جانب أنها ستضم 80.000 ساكن موزعين على 20.584 وحدة سكنية عبر مختلف البرامج و الصيغ، و التي تم إسناد تسييرها لهيئة المدينة الجديدة ” حاسي مسعود “، و التي بدأت بإجراءات دراسة و إنجاز البنية التحتية المكونة من 14 شبكة مختلفة و أشغال التهيئة تحضيرا لإعمار الأحياء الأربعة (04) ذات الأولوية و التي تمثل نسبة 70% من مساحة المدينة المبرمجة للتعمير و المقدرة بـ 986 هكتار.
معظم مشاريع ” المدينة الجديدة ” فاق إنجازها 80%
و في سياق متصل أوضح ” إبراهيم مراد ” بأنه قد تم تسجيل العديد من المشاريع التنموية على مستوى المدينة الجديدة بمختلف القطاعات، حيث فاقت 680 مشروعا بغلاف مالي قدره 33.5 مليار دينار، و التي لها تأثير مباشر على تحسين المستوى المعيشي للمواطن، بالإضافة إلى تسجيل مشروع إنجاز 2000 وحدة سكنية في صيغة العمومي الإيجاري، و التي بلغت نسبة تقدم الأشغال بها 80%، مع تسجيل 2600 وحدة سكنية خلال سنة 2019، ليتم تدعيمها بـ 200 وحدة سكنية برسم سنة 2024 وفق البرنامج الإضافي للولاية، على أن يتم إشراك مختلف الفاعلين على المستوى المحلي للتكفل بمختلف طلبات و إنشغالات المواطنين في هذا الشأن.
كما نوه إلى أنه على غرار مشاريع السكن تم إنجاز 03 مرافق تربوية و مركز للتكوين المهني، و التي بلغت نسبة تقدم الأشغال بها 94%، بالإضافة إلى مركز للأمن الحضري بنسبة 92% و مكتب بريدي مع سكن وظيفي بنسبة 90%، و كذا عيادة متعددة التخصصات بنسبة 99% و مركز نفسي بيداغوجي، إلى جانب أشغال تهيئة مختلف الشبكات التي بلغت نسبة الأشغال بها 98%، مع إنجاز وحدة معالجة مياه الصرف الصحي بنسبة 84.95% و مركب المياه الصالحة للشرب بنسبة 88.18%، و كذا مركب للمياه الصالحة للشرب بمنطقة النشاط اللوجيستي، و التي بلغت نسبة إنجازها 50.11% مع مركز للفرز التقني بنسبة 96%.
نحو تخفيف المعاناة عن الساكنة لفك العزلة عنهم
من جهة أخرى فقد تم في سياق التكفل بإنشغالات الساكنة الحالية تتميم المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 05/127 السالف الذكر بالمادة 04 مكرر، و التي سمحت لوالي الولاية بعد أخذ رأي لجنة المتابعة بالترخيص ببناء مؤسسات مدرسية و صحية و مؤسسات التكوين المهني، بالإضافة إلى منشآت للإدارة المحلية و برامج للمساكن العمومية بهدف تلبية حاجيات سكان ” حاسي مسعود “، بالإضافة إلى ترميم و توسيع مختلف شبكات الطرق و الكهرباء و الماء الشروب، و كذا شبكات التطهير و الغاز الطبيعي، حيث كانت له زيارة إلى المنطقة مطلع هذا الأسبوع، أين إستفادت على هامشها من مشروع إعادة تأهيل الطريق الوطني رقم (03) على مسافة 40 كم وفقا للاتفاقية المبرمة بين ولاية ” ورقلة ” و مؤسسة ” سوناطراك ” ممثلة في ” الشركة الوطنية للهندسة المدنية و البناء GCB “، و الذي سيقسم على أربعة مقاطع، ليتم الإنطلاق في أشغال تأهيل المقطع الأول على مسافة 10 كم، مما سيساهم في التقليل من حوادث المرور على مستوى هذا الشطر الذي بات يشهد وضعية سيئة، إلى جانب تدشين محطة للخدمات و بيع الوقود بطريق ” حاسي مسعود ” و ” قاسي الطويل “، و التي تتوفر على كافة الخدمات الضرورية لمستعملي الطريق.
كما تم إعطاء إشارة إنطلاق العديد من المشاريع التنموية الأخرى، و التي تمثلت في مشروع تحويل مصبات مياه الصرف الصحي نحو المصب الجديد على مسافة 17 كم، و كذا مشروع التهيئة الحضرية لحي ” 272 مسكن “، و مشروع إنجاز الطرقات بـ ” حي سي الحواس ” على مسافة 05 كم، بالإضافة إلى متابعة عرض مشاريع إنجاز طرقات بـ ” حي المقراني ” على مسافة 5.3 كم مع إعادة الإعتبار لـمحيط ” حي التوميات ” و تدعيم المسلك المؤدي إلى حضيرة البلدية بالمنطقة الصناعية، إلى جانب إنجاز الطريق الرابط بين الطريق المزدوج و البئر المائي رقم 17، و كذا مفترق طرق البئر التاريخية باتجاه الملعب البلدي مع إعادة الإعتبار لطرقات ” حي بوعمامة “، فيما تخللت هذه الزيارة سلسلة من اللقاءات مع مواطني مدينة ” حاسي مسعود ” الذين طرحوا انشغالاتهم فيما يخص الطاقة و شبكة المياه و الصحة.
ترحيل الساكنة إلى المدينة الجديدة مرهون بإكتمال جميع لأشغال
هذا و سيجد ساكنة ” حاسي مسعود ” بمختلف أحيائها أنفسهم مظطرين للتأقلم مع مشاكلهم و إنشغالاتهم التي يعانون منها إلى أن يتم ترحيلهم لإستغلال مرافق و سكنات المدينة الجديدة ” حاسي مسعود “، و التي ستظل مرهونة بإتمام أشغال جميع الهياكل و إستلامها، على أن يتم ذلك حسب مصادر رسمية وفقا لترتيبات مدروسة و رزنامة محددة.
لواتي سناء